الخميس، 30 أبريل 2015

لعنة الله على القابعين في الظل

باغتتني يده التي امتدت لعلبة السجائر الموضوعة امامي على الطاولة فأخذ سيجارة واشعلها وأعاد العلبة والولاعة لمكانهما دون اي كلمة, وهمً ان يذهب ولكنه التفت الىً وباغتني
      - انت مش مستني حد
نظرت اليه متسائلا
      - وما ادراك؟
جرَ مقعد بلاستيكي وجلس
      - اعلم هذا من عينيك
اممممم، قصة اخرى ربما لمدعيٍ او دخلة جديدة من دخلات التسول، ولكنه مسلي على كل حال
      - وماذا اخبرتك عيني
      - عيون الخائبين تشع بريق لا يلتقطه الا الخائبون
عجوز اشعل الشيب رأسه، مهندم الملبس مقارنة بمن في عمره، نحيل الجسد، قصير القامة، حليق الذقن
      - اعزمني على قهوة
ناديت صبي المقهى ليحضر له القهوة،فربما نجح في مداعبة فضولي
      - الفرائس للمقتحمين، وللنبلاء الفتات
انتبهتُ والتفتُ اليه مندهشا، ضغطة مفاجئة على زر فضولي، يالك من وغد، من انت ومن ارسلك؟
      - النبلاء الجبناء، المخلصون الخائفون، المحبون في صمت، البائسون، اليائسون، لا تعوضهم الحياه، المعركة والحرب والمجد والغنائم للمحاربين، لا لحراس المتاع، القابعون في الظل يصابون بالكساح، صوتهم لا يتعدى أذانهم، صراخهم لا يشق إلا صدورهم، اصدقاء رائعون، ولكنهم غير جديرين بالحب، مجالسهم استراحات قصيرة لمن اجهدهم عناء الطريق
احضر الصبي القهوة وانصرف
      - اسمك ايه ياحاج
      - فارس
وضحك فاغرا فمه الفارغ من الاسنان، ضحك حتى دمعت عيناه
      - عاشت الاسامي ياعم فارس
      - سأعطيك نصيحة مقابل القهوة وسيجارة اخرى
مددت يدي له بالسيجارة، وضعها في فمه فأشعلتها له وقال:
      - انت ايضا نبيل أحمق، هذا ما رأيته في عينيك، فارس آخر ترجل عن فرسه حتى لا يجهدها، ولكن الحقيقة انك فاشل، تخبيء جبنك خلف نبلك، لا بأس فطالما وجد الأوغاد لابد من وجود النبلاء الذين يتنازلون لهم بخيبة عن اماكنهم، ليست هذه نصيحتي، ولكن ان تركت فرسك لآخر فلا تسير في ظلها، الفرس لا تشعر سوى براكبها، ولن تستطيع رعايتها ابدا، ان ترجلت عنها، او لم تكفيك شجاعتك عن الاقتراب منها، فاتركها واذهب بعيدا وحيدا، فلا شيء في الحياة اصعب من نظرة فارس لفرسه تموء تحت جسد رجل آخر.
لمعت في عينيه دموع فانتفض ونهض ذاهبا
      - القهوة ياعم فارس
      - اشربها انت يا ابن الكلب ياخول
 ابتعد قليلا ثم التفت ناحيتي وبصق على الارض واندس وسط الزحام