الاثنين، 29 أكتوبر 2012

قصة طويلة جدا

الشرف والخيانة يبدءان وينتهيان من هنا (واشار الي رأسه) ليس من هنا (واشار الي مابين ساقيه)

فقد خانتني حين نظرت له باعجاب ليس عندما ضاجعته

ويُقتل الرجل من هنا (واشار الي صدره)
فقد هُزمتُ حين احببتها اكثر مما تستحق
صمت طويلا ثم بصق سيجارته بعيدا وسحب عكازيه المعدنيين الصقهما بإبطيه وذهب بعيدا جدا...

الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

حذيفة


تعرفت به هنا في بلاد الغربة في مدينة "حائل" بالسعودية تلك المدينة القاحلة التي لولاه لاصبحت جهنم اكثر احتمالا منها, مهندسا مصريا متغربا عن بلاده وامه التي ليس لها سواه, امانها من غدر الدنيا وسندها بعد ان احنت الايام ظهرها, وعن حبيبته التي اخبرته قبيل سفره بانها ستنتظره وان كلفها الانتظار عمرها.
يحمل قلب الملائكة, تشعر بنسمة باردة تنعش نفسك في قيظ تلك الصحراء فتعلم دون ان تراه أنه قادم اليك, رقيق القلب سمح الملامح, لا تفارق الابتسامة وجهه, يعتذر طيلة الوقت دون ان يخطيء, لا تفارق لسانه عبارة "شكرا يابشمهندس" حتي ان كان هو من قدم اليك كوب الماء المجاور له, وحين ذكَرته ذات مرة انه من يستحق الشكر فاجأني انه يشكرني لانني اسعدته بتقديم كوب ماء بارد لعظشان في لهيب الصحراء.
لا يشغل حيز من المكان وكأنه غير مرئي ولكنه يضفي روح من البهجة علي من حوله دون ان ينطق, يكفي ان تنظر لوجهه لتتسرب اليك طمأنينته, لم يفتح فمه بالشكوي مرة ولو علي سبيل التذمر من حرارة الجو, دائم الرضي, يحتمل اخطاء الاخرين وابدا ما القي باللوم علي الاخرين في اي خطأ من اخطاء العمل, يحتمل سماجة رؤساء عمله وان وصل الامر للخصم من راتبه, لا يتذمر بانه لم يكن خطأه ودائما لا يكون هو المخطيء.
حين اخبرته بانه يضيع حقه اجابني "اللي عند ربنا مابيضيعش" وعندما قلت ان والدته التي تركها وحيدة أولي بذلك الخصم اجاب :قل لن يصيبنا الا ماكتب الله لنا" "وليها رب يرزقها بيا او من غيري".
عاشق متبتل في محراب وطنه, لا يذكر امامه اسم مصر الا وترتعش عيناه وتلمع الدموع بينهما, لا يذكر ثورة يناير الا ويتبعها ب "المجيدة", حتي اشعنا عنه في وسط المهندسين الخبثاء امثالنا انه "ابن المجيدة".
شاعرا لا يكتب الا في محبوبتيه "مصر" و "هند" لم يختص سواي في قراءة مايكتب ودائما ما احبذ ان يسمعني ماكتبه بالقاءه بلهجته الجنوبية التي تتغلغل الي قلبي وما ان يري الدموع ترقرق بين عينيَ حتي يبتسم ويصمت دون تعليق او مزايدة.
اخبرني ذات مساء انه لم يتحمل الغربة عن معشوقتيه الا لأجلهما. فبعد ثورة يناير "المجيدة" اصبح البحث عن عمل في مصر كالبحث عن الؤلؤ في بحر الرمال الاعظم (هكذا كان تعبيره) واصبحت الغربة اضطرارا لا خيارا ليستطيع بناء العش الذي يحتويه ومحبوبته "اللي بمية راجل" التي تحدت اهلها ورفضت كل من تقدموا اليها وعارضت بشدة فكرة سفره لعلمها بعشقه لوطنه ولعلمها بمدي عذابه بالبعد عنهما ولكنها امام رغبته الشديدة رضخت واهدته قميصا عشية "سفره" (وهنا ادركت سر عدم ارتدائه سوي ذاك القميص الوحيد منذ عرفته). 
وايضا من اجل نفقات علاج والدته المريضة.

ولكن عفوا صديقي, فلازالت جهنم اكثر احتمالا من مدينة "حائل" القاحلة, ولازالت "هند" تنتظر وسيطول انتظارها, وفقدت الام سندها وأمانها ولم يعد لها الا الله وحده يدبر نفقات علاجها
ولازال القميص منزويا ملطخا بدم صاحبه
عفوا صديقي فكل ما قرأت لم يحدث لان "حذيفة" قُتل برصاصة غدر من يد من كان واجبا عليهم حمايته يوم جمعة الغضب في احداث ثورة يناير "المجيدة"